كوماندوز وقصف.. خطة إسرائيلية لضرب نووي إيران عرقلها ترامب

خطة إسرائيلية كانت تهدف إلى شنّ ضربة عسكرية على منشآت نووية إيرانية خلال شهر مايو/أيار، عرقلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الخطة كشفها تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فضّل خيار الانخراط في مفاوضات مباشرة مع طهران بهدف التوصل إلى اتفاق يضع قيودًا على برنامجها النووي.
- الدبلوماسية أم الحرب؟ «أذن ترامب» حائرة بين آراء فريقه بملف إيران
- ترامب بـ«غرفة العمليات»: لن أسمح بامتلاك إيران سلاحا نوويا
ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين ومطلعين على المحادثات، فإن الخطة الإسرائيلية كانت تستهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني لفترة تصل إلى عام أو أكثر، غير أنها كانت تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي لضمان نجاح الضربة واحتواء الرد الإيراني المتوقع.
الخطة الإسرائيلية
بحسب التقرير، كانت الخطة التي أعدّتها إسرائيل تتضمن تنفيذ عملية كوماندوز تستهدف منشآت نووية محصنة تحت الأرض، تتبعها موجة من الغارات الجوية.
إلا أن الجيش الإسرائيلي أبلغ قيادته أن وحدة الكوماندوز الخاصة لن تكون جاهزة للتنفيذ قبل أكتوبر/تشرين الأول، في حين كان نتنياهو يضغط لتنفيذ العملية في مايو/أيار.
هذا ما دفع باتجاه تعديل الخطة لتصبح حملة قصف موسعة، غير أن تنفيذها كان يتطلب دعمًا لوجستيًا وعسكريًا أمريكيًا واسعًا، لا سيما في مجال الدفاع الجوي ومواجهة الرد الإيراني المحتمل.
جدل داخلي في إدارة ترامب
القرار بعدم المضي قدمًا في دعم الخطة الإسرائيلية جاء بعد شهور من النقاشات الحادة داخل إدارة ترامب، حيث انقسم فريقه بين من يؤيدون الخيار العسكري باعتباره حلاً رادعًا.
وآخرون حذروا من أن الهجوم قد لا يؤدي إلا إلى تصعيد واسع في المنطقة دون أن يحقق هدف تدمير القدرات النووية الإيرانية بشكل نهائي.
وأفادت الصحيفة أن ترامب استقر في نهاية المطاف على السعي نحو مسار تفاوضي، مستندًا إلى مؤشرات على استعداد طهران للانخراط في محادثات غير مباشرة.
وكان اللقاء الذي جمعه مؤخرًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن مناسبة لإبلاغ الأخير بقراره هذا، حيث أكّد له أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل حوارًا أوليًا مع إيران في سلطنة عمان، واصفة الجولة الأولى من المحادثات بأنها «إيجابية» و«بناءة».
تحولات في موقف ترامب
وكان ترامب تبنّى نهجًا متشددًا حيال إيران خلال ولايته الأولى، أبرز تجلياته اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري عام 2020.
ومع ذلك، فإن التقديرات الاستخباراتية الأخيرة التي قدمتها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد أشارت إلى أن الدخول في صراع واسع مع إيران قد يكون مكلفًا وغير مضمون النتائج، ما عزز الموقف القائل بضرورة منح المسار الدبلوماسي فرصة جديدة.
وتزامن هذا التغيير مع تلقي إدارة ترامب إشارات من طهران، تفيد بانفتاحها على محادثات غير مباشرة، بلغت ذروتها برسالة من مسؤول إيراني رفيع في 28 مارس/آذار، أبدى فيها استعداد بلاده للحوار، قبل أن ينخرط البلدان بشكل فعلي في جولة حوار غير مباشرة في عمان.
لقاءات حاسمة ورسائل متبادلة
في ظل هذه الأجواء، أوفد ترامب مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف إلى القدس للقاء نتنياهو ورئيس الموساد دافيد برنياع، لبحث الخيارات المطروحة بين الضربة العسكرية والمفاوضات وفرض العقوبات والعمليات السرية.
ورغم أن ترامب أكد لنتنياهو أن «الخيار العسكري لا يزال مطروحًا»، إلا أنه أوضح بجلاء أن أي عملية إسرائيلية لن تحظى بالدعم الأمريكي طالما استمرت المفاوضات مع إيران.
إسرائيل أمام خيار صعب
رفض إدارة ترامب دعم الهجوم العسكري ترك إسرائيل أمام معضلة استراتيجية، لا سيما أن نجاح أي ضربة يعتمد على استخدام قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها سوى الولايات المتحدة.
وقد عبّر نتنياهو صراحة عن ضرورة أن يتضمن أي اتفاق مستقبلي الحق في «تفجير المنشآت النووية الإيرانية وتفكيكها تحت إشراف أمريكي مباشر».
ورغم التوتر، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريان هيوز، أن «الفريق الأمني بالكامل ملتزم بسياسة ترامب تجاه إيران»، وأن «كل الخيارات مطروحة»، في رسالة توحي بأن التلويح بالقوة لا يزال قائمًا، وإن كان الخيار الدبلوماسي هو المفضل حاليًا.
مخاطر ومآلات
ويُنظر إلى قرار ترامب على أنه محاولة لمنع انزلاق بلاده إلى حرب شاملة في منطقة مشتعلة أصلًا، إلا أن مراقبين يرون أن هذا القرار قد يُضعف ثقة إسرائيل بالضمانات الأمريكية ويعزز الميل نحو العمل الأحادي.
وفي المقابل، فإن الانخراط في مفاوضات مع إيران يطرح تحديات جديدة، أبرزها قدرة طهران على المناورة والمماطلة في المفاوضات، في وقت تواصل فيه تطوير برنامجها النووي بشكل متسارع، بحسب تقارير استخباراتية غربية.
وأثارت القرار تساؤلات حول مدى قدرة ترامب إقناع طهران باتفاق جديد يعيد ضبط العقارب النووية دون أن يُنظر إليه كتنازل، إضافة إلى مصير الضربة المؤجلة وإمكانية عودتها إلى الطاولة حال فشلت المفاوضات.
aXA6IDUuMTgyLjIwOS4xMTUg جزيرة ام اند امز