سر النحاس الفرعوني.. تقنيات تصنيع مذهلة قبل 3 آلاف عام

في كشف علمي لافت، توصل فريق من معهد علوم التراث الثقافي في إيطاليا، إلى تقنيات تصنيع مذهلة استخدمها المصريون القدماء في تشكيل الأدوات المعدنية قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام.
الدراسة، التي نُشِرت في “مجلة التراث الثقافي”، تناولت 12 قطعة من النحاس المخلوط بمعادن أخرى، معظمها أوانٍ معدنية، كشفت أسرارا دقيقة عن أساليب التصنيع التي استخدمها صانعو المعادن خلال عصر الدولة الحديثة.
القطع التي خضعت للتحليل تنتمي إلى مجموعة الدفن الخاصة بـ”خع” وزوجته “ميريت”، وهما من كبار الشخصيات الذين عاشوا في طيبة الغربية خلال الأسرة الثامنة عشرة (نحو 1425–1352 قبل الميلاد).
وعُثر على هذه المجموعة بحالة شبه سليمة عام 1906، وهي محفوظة اليوم في متحف المصريات بمدينة تورينو الإيطالية.
وباستخدام تقنيات تحليل غير مدمرة، مثل الفلورة بالأشعة السينية (XRF) والحيود بالأشعة السينية (XRD) المدمجة مع تقنيات تعلم الآلة، تمكن الباحثون من تصنيف القطع إلى أربع مجموعات رئيسية بناء على طرق التشغيل المعدني.
وأظهرت النتائج تدرجا بين بنى مجهرية متجانسة ناتجة عن معالجات حرارية مكثفة كالتلدين، وبنى أخرى غير متجانسة تشير إلى تصنيع بارد دون معالجة حرارية.
الأكثر إثارة أن التصنيفات المجهرية ارتبطت مباشرة بتصاميم القطع وأغراض استخدامها، مما يدل على أن كل شكل صُنع بطريقة معالجة محددة ومدروسة بعناية فائقة، فالقطع التي تعرضت لمعالجة حرارية مكثفة (تلدين)، مثل الأواني ذات الأشكال المعقدة، كانت تحتاج إلى مرونة أكبر أثناء التصنيع، لكي تتحمل التشكل دون أن تنكسر، وهذا يتماشى مع استخدامها كأوعية فاخرة أو طقسية (تستخدم في طقوس دينية أو جنائزية)، حيث يكون الشكل الجمالي مهما جدا.
أما القطع التي أظهرت بنى غير متجانسة ودون معالجة حرارية كافية (تشغيل بارد)، غالبا كانت تصنع لأغراض أكثر صلابة أو عملية، مثل القواعد الحاملة أو الدعامات، حيث تكون المتانة هي الأهم على حساب التفاصيل الجمالية.
ويُعد هذا الكشف خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتطور الصناعات المعدنية في مصر القديمة، ويعكس براعة الفراعنة في تطويع المعادن بتقنيات معقدة لا تزال تدهش العلماء حتى اليوم.
aXA6IDUuMTgyLjIwOS4xMTUg جزيرة ام اند امز