الاستراتيجية الدفاعية البريطانية.. استعداد للحرب وتعزيز الردع النووي

كشفت الحكومة البريطانية اليوم الإثنين عن تحديث استراتيجيتها الدفاعية، والتي وضعت تعزيز حلف الناتو في صلب أولوياتها.
وبحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”، اطلعت عليه “العين الإخبارية”، ترتكز الاستراتيجية الجديدة، الواردة في 140 صفحة، على تعزيز الردع النووي، وإعادة بناء مخزونات الذخائر والأسلحة، واستثمار مليارات الجنيهات في تقنيات الحرب المتقدمة.
ويأتي إعلان الاستراتيجية الجديدة في ظل تحذيرات من أن التهديدات الحالية أكثر خطورة وأقل قابلية للتنبؤ من أي وقت منذ الحرب الباردة، مما يستدعي تحولا نحو “استعداد كامل للحرب”.
الردع النووي
وتوصي الاستراتيجية ببدء محادثات مع الولايات المتحدة والناتو لتعزيز مشاركة بريطانيا في “المهمة النووية للحلف”.
وتسعى الحكومة البريطانية لتحقيق ذلك عبر تجديد القدرات النووية الحالية، واستثمار 15 مليار جنيه إسترليني (20 مليار دولار) في برنامج الرؤوس النووية، واستكشاف وسائل ردع إضافية قد تشمل شراء طائرات مقاتلة قادرة على حمل أسلحة نووية.
وتؤكد الوثيقة على ضرورة أن تلعب بريطانيا دورًا أكبر في الردع النووي، كونها الدولة الأوروبية الوحيدة التي تخصص قدراتها النووية للدفاع عن الناتو، وهو دور لا تقوم به فرنسا حاليًا.
كما تتضمن الخطة بناء ما يصل إلى 12 غواصة جديدة، مما يضيف أعباء مالية إلى تكاليف نظام “ترايدنت” الحالي المكلف أساساً.
تحذيرات بشأن روسيا والصين
وتشير الاستراتيجية إلى أن المملكة المتحدة تتعرض لهجمات يومية متنوعة بين التجسس، والحرب السيبرانية، والتلاعب بالمعلومات، ما يؤثر سلبًا على المجتمع والاقتصاد.
كما تحذر من تحول أولويات الأمن القومي الأمريكي بعيدًا عن الناتو وأوروبا باتجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأمنها الداخلي.
وتشير إلى أن روسيا والصين تعملان على زيادة ترساناتهما النووية وتعزيز علاقتهما الثنائية، مع وجود أرضية مشتركة تدفعهما للتحالف مع إيران وكوريا الشمالية، رغم وجود حالة من انعدام الثقة المتبادل.
الجيش والبحرية
وتوصي الاستراتيجية بأن لا يقل عدد الجنود النظاميين في الجيش البريطاني عن 73,000، على أن يصل إلى 100,000 عند احتساب قوات الاحتياط.
كما تدعو إلى زيادة طفيفة في عدد القوات النظامية، التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عهد الحروب النابليونية، إلى جانب زيادة بنسبة 20 في المائة في عدد قوات الاحتياط النشطة.
وكان وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أعلن أمام مجلس العموم أن هدف الحكومة هو رفع عدد القوات النظامية إلى 76000 حتى عام 2034، وهو ما يتوقع أن يواجه انتقادات باعتباره بطيئًا وغير كافٍ.
كما كشفت المملكة المتحدة عن خطط لإنشاء “بحرية هجينة” تضم غواصات جديدة تُبنى ضمن شراكة “أوكوس” مع الولايات المتحدة وأستراليا، إلى جانب استثمارات في سفن ذاتية القيادة تعمل في دوريات بالمحيط الأطلسي الشمالي.
الذخائر
وتعتزم حكومة كير ستارمر استثمار 1.5 مليار جنيه إسترليني لبناء ستة مصانع جديدة للذخائر، مما يضمن تدفقًا مستدامًا في إنتاج القذائف يمكن تعزيزه سريعًا عند الحاجة.
ويُتوقع أن يحدث هذا تحولًا في القاعدة الصناعية البريطانية، عبر خلق وظائف جديدة في قطاع التصنيع وبناء مخزونات من الذخائر التي استُنفدت خلال عقود من نقص الاستثمارات والشحنات المنتظمة إلى أوكرانيا.
كما تخطط الحكومة لشراء ما يصل إلى 7000 صاروخ بعيد المدى، بعد أن أظهرت الحرب الروسية في أوكرانيا أهمية بالغة لهذه الأسلحة في تنفيذ ضربات عميقة ضد الأعداء.
الذكاء الاصطناعي
وتخطط المملكة المتحدة لتعزيز استثماراتها في الأمن السيبراني والتقنيات المتقدمة عبر إنشاء قيادة جديدة للأمن السيبراني والمجال الكهرومغناطيسي، بهدف حماية شبكات الجيش من عشرات الآلاف من الهجمات السيبرانية سنويًا، وتنسيق العمليات السيبرانية الهجومية البريطانية.
كما ستؤسس نظامًا رقميًا جديدًا لتحديد الأهداف العسكرية بدقة أكبر، مما يمكّن القوات المسلحة من استهداف العدو وتحييده بفعالية.
وأكدت الحكومة أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، والبرمجيات، وأسراب الطائرات المسيرات، إلى جانب الصواريخ البعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي، سيجعل الجيش أكثر فتكًا بمقدار عشرة أضعاف.
في المقابل، حذرت الاستراتيجية من أن التقدم في مجال “الهندسة البيولوجية” قد يؤدي إلى أضرار جسيمة من خلال ظهور مسببات أمراض جديدة وأسلحة دمار شامل، دون تحديد الإجراءات التي ستُتخذ لمواجهة هذا التهديد.
الدفاعات الجوية
ورغم أن الاستراتيجية لم توصِ بإنشاء نظام دفاع جوي شبيه بـ”القبة الحديدية” الإسرائيلية لحماية المملكة المتحدة من هجوم جوي واسع النطاق، إلا أنها شددت على ضرورة تحسين القدرات الحالية، مثل شراء المزيد من طائرات الإنذار المبكر الجوية من طراز إي-7 ويدجتيل.
وأوضح المسؤولون أن الهدف هو إنشاء أنظمة أكثر فاعلية في إسقاط التهديدات، من خلال استغلال القدرات القائمة بدلاً من الاستثمار الكبير في قدرات جديدة.
وكان خبراء أمنيون قد حذروا مؤخرًا من أن بريطانيا غير قادرة حاليًا على الدفاع عن نفسها ضد هجوم صاروخي باليستي، لكن المسؤولين أكدوا أن إنشاء نظام مشابه للقبة الحديدية سيكون مكلفًا للغاية.
ودعا التقرير وزارة الدفاع إلى وضع خارطة طريق بحلول يوليو/ تموز 2026 لتحقيق “تكامل أعمق” مع حلفاء الناتو، وربط القدرات الرقمية بالتقليدية.
الاستثمار الخاص
وأوصت بأن تطور المملكة المتحدة استراتيجية مخصصة لقطاع الخدمات المالية بحلول مارس/آذار المقبل، لتشجيع أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين في الأسهم الخاصة على ضخ مزيد من الأموال في قطاع الدفاع.
كما ستُنشئ الحكومة وحدة جديدة للابتكار الدفاعي مدعومة بتمويل قدره 400 مليون جنيه إسترليني لدعم شركات الدفاع البريطانية، إلى جانب مكتب جديد للصادرات لمساعدة تلك الشركات في تسويق التكنولوجيا والأسلحة البريطانية لحلفاء المملكة المتحدة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز