تقنية

من جز العشب إلى قمة التكنولوجيا.. مسيرة توني شو في عالم توصيل الطعام


في خضم جائحة كوفيد، ومع مواجهة المطاعم في جميع أنحاء البلاد أزمة وجودية، قدم الرئيس التنفيذي لشركة DoorDash، توني شو، اقتراحا غير تقليدي، حيث أراد خفض العمولات التي تحصل عليها شركته من المطاعم لتوصيل الطلبات.

وكان كيث يانديل، كبير مسؤولي الأعمال في الشركة، قلقا من أن تؤدي هذه الخطوة إلى ضربة قاصمة للأرباح قبل الطرح العام الأولي المخطط له للشركة، لكن شو قدم حجة مقنعة.

وفي حديثه عن رحلة شركته ورئيسها التنفيذي خلال أكبر أزمة تواجه قطاع المطاعم، صرح يانديل لشبكة CNBC في مقابلة حديثة، مستعيدا وجهة نظر شو آنذاك، “إذا لم تزدهر المطاعم، فلن ننجح، علينا أن نتولى زمام القيادة”.

وأضاف شو لاحقا أن الشركة ضحت بأكثر من 100 مليون دولار من الرسوم والعمولات، لتعبر بنجاح من فترة الجائحة.

الحياة الخاصة لتوني شو

وُلد شو في الصين وانتقل مع عائلته إلى شامبين، إلينوي، عام ١٩٨٩، وفي طفولته، لعب كرة السلة وقام بجزّ العشب ليدّخر لشراء جهاز نينتندو.

وفي عام ٢٠٢١، صرّح لبرنامج “نظرة من القمة” على قناة ستانفورد أن هذه التجربة، ومشاهدة والديه وهما يُكافحان، علّمته كيف “يشق طريقه نحو الأفضل”.

وقال ألفريد لين، أحد أوائل المستثمرين في شركة “دوور داش” وشريك في شركة سيكويا للمشاريع الناشئة، “أصبحت سماته قيمًا للشركة”.

وغالبًا ما يعزو شو روح ريادة الأعمال لديه إلى والديه، حيث عملت والدته طبيبةً في الصين، وتنقلت بين ثلاث وظائف في الولايات المتحدة لأكثر من عقد، مدخرةً ما يكفي لافتتاح عيادة طبية.

وعمل والده نادلًا أثناء دراسته للدكتوراه، وقال شو في بودكاست إن مشاهدة والدته منحته فهمًا عميقًا لما يتطلبه إدارة مشروع صغير، وهو ما كان مفيدًا له في السنوات الأولى لشركة DoorDash، حيث كان يسعى لتحويل المطاعم إلى زبائن.

ويقول زملاء شو الذين عرفوه لعقود إن رائد أعمال توصيل الطعام لم يتغير كثيرًا منذ بدايات الشركة.

ويقول أحدهم إن شو استعان ذات مرة بنصيحة ابنته الصغيرة، التي اشتكت من مشكلة في التوجيه، أثناء مرافقتها له في طلبات توصيل الطعام.

كما يشارك شو جميع الموظفين، في عمليات إكمال الطلبات والتعامل مع مكالمات الدعم سنويًا كجزء من برنامج WeDash الخاص بالشركة، الذي يدمج المديرين مع الموظفين في عمليات الشركة البسيطة والشاقة.

أيضا عرف شو بتواضعه في الإنفاق برغم ثرائه، ويتذكر الموظفون الأوائل بالشركة، شو وهو يقود سيارة هوندا أكورد خضراء متهالكة موديل 2001 لحضور فعاليات الفريق، أو يشارك في مباريات كرة السلة الحاسمة التي تُعرف باسم “knockys”، بجوار مستشفى الحيوانات في بالو ألتو، والذي أطلقت عليه DoorDash لفترة وجيزة اسم مقرها الرئيسي.

ويقضي شو صباحًا طويلًا في الرد على شكاوى خدمة العملاء بنفسه، ويقول زملاؤه إنه غالبًا ما يوصل أطفاله إلى المدرسة، وبعد أن يُدخلهم إلى النوم ليلًا، يشارك في الرد والتفاعل مع مكالمات المناطق الدولية.

توحيد قطاع توصيل الطلبات تحت مظلة DoorDash

ومنذ تأسيس DoorDash في حرم جامعة ستانفورد الأمريكية، عام 2013، نجح الرئيس التنفيذي البالغ من العمر 40 عاما في إدارة أعمال توصيل الطعام، وهي أعمالٌ تنافسيةٌ وذات هامش ربح منخفض، حيث بنى شركةً تُقدّر قيمتها في وول ستريت اليوم بما يقارب 90 مليار دولار.

وبرز سهم الشركة كأحد أبرز أسهم التكنولوجيا هذا العام، حيث قفز بنسبة 23%، بينما لا يزال مؤشر ناسداك منخفضًا هذا العام، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى مخاوف من الرسوم الجمركية.

وبعد أكثر من أربع سنوات من طرحها العام الأولي، لا تزال الأرباح الصافية ضئيلة، لكن هذا لم يعيق مهمة شو في أن تصبح DoorDash الشركة التي وحدت قطاع توصيل الطلبات للمنازل، باستخدام مزيج من المال النقدي والديون الجديدة لتغذية موجة استحواذات في وقت لا تزال فيه صفقات التكنولوجيا الكبيرة نادرة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، استحوذت شركة DoorDash على شركة توصيل الطعام البريطانية الناشئة Deliveroo مقابل حوالي 3.9 مليار دولار، وشركة تكنولوجيا المطاعم SevenRooms مقابل 1.2 مليار دولار.

وقال شو لبرنامج “Squawk Box” عبر شبكة CNBC بعد الإعلان عن الصفقات، “ما قدمناه لعميل أمس ربما لا يكفي لما يحتاج منا أن نقدمه له اليوم”.

وأعلنت DoorDash هذا الأسبوع عن تسعير 2.5 مليار دولار من الديون القابلة للتحويل، وقالت إنه يمكن استخدام جزء من العائدات في عمليات استحواذ أخرى لتستمر في توحيد القطاع.

وللشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، تاريخٌ حافلٌ باستقطاب المنافسين لتوسيع حصتها السوقية.

ففي عام 2019، استحوذت على منافستها في مجال توصيل الطعام “كافيار” مقابل 410 ملايين دولار من شركة “سكوير”، المعروفة الآن باسم “بلوك”.

وبعد عامين تقريباً، أعلنت ” DoorDash ” أنها ستدفع 8.1 مليار دولار لشراء منصة التوصيل الدولية “وولت”، وكانت هذه الصفقة آخر صفقة كبيرة لها حتى هذا الشهر.

توني شو

وعندما دخلت “دور داش” سوق توصيل الطعام، واجهت منافسةً شديدةً من شركاتٍ مثل “جراب هب” و”سيملس”، اللتين وحدتا جهودهما لاحقاً.

بالإضافة لمنافسة مع “مجموعة وندر” المالكة للمطاعم، التي اشترت هذا الكيان المُدمج بين “جراب هب” وسيملس” أواخر العام الماضي.

وفي عام 2014، زاد احتدام المنافسة بعد أن أطلقت “أوبر” خدمة “أوبر إيتس”، التي تُعدّ الآن أكبر منافس لـ”دور داش” في الولايات المتحدة.

وقال شو في مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، “إنها سوقٌ شديدة التنافسية، وأعتقد أن التجار لديهم خياراتٌ عديدة، ما نُركز عليه دائماً هو السعي الدائم للابتكار وتقديم منتجاتٍ جديدة تُلبي المعايير والتوقعات المتزايدة للعملاء”.

ولم تُتح لشو فرصة الحديث عن سياسة شركته، لكن الشركة قدمت بيانًا لشبكة سي إن بي سي، تدعم به هذا التقرير، حول استراتيجية الاستحواذ التي تنتهجها.

وقالت الشركة، “نحن دقيقون للغاية، وصابرون للغاية، وندرك أن الصفقات، بالنسبة لمعظم الشركات، لا تُكتب لها النجاح بعد فوات الأوان”.

وأضافت، “عندما نرى فرصة تُضيف قيمة للعملاء، وتُعزز قدرتنا على تمكين الاقتصادات المحلية حول العالم، وتُتيح لنا تحقيق عوائد قوية على رأس المال على المدى الطويل، فإننا نميل إلى بذل قصارى جهدنا لاتمام الاستحواذ”.

اقتحام أسواق الضواحي

وبفضل إدارة توني شو للشركة ونظرته المستقبلية لسوق توصيل الطلبات، لم تقتصر “دوور داش” عند حد التعامل مع المطاعم الفخمة، ولكن توجهت أيضا لأسواق الضواحي ومتاجر التجزئة.

واتبعت هذه السياسة منذ بدايتها، حيث تميزت DoorDash في بداياتها باحتكار أسواق الضواحي ذات خيارات التوصيل المحدودة، بينما هاجمت شركات أخرى مراكز المدن.

وعندما أغلقت جائحة كوفيد المطاعم في أوائل عام 2020، استفادت DoorDash من الطلب المتزايد على خدمات التوصيل، وتضاعفت الإيرادات بأكثر من ثلاثة أضعاف في ذلك العام، ونمت بنسبة 69% في عام 2021.

ويُرجع زملائه والمستثمرون الأوائل في الشركة نجاح توني شو، إلى تركيزه على العميل منذ البداية، حيث وصفه جوكول راجارام، الذي انضم إلى DoorDash من خلال استحواذها على Caviar، بأنه “أفضل قائد عمليات في الولايات المتحدة” بعد مؤسس Amazon جيف بيزوس.

في الوقت نفسه، لم تنظر المطاعم إلى DoorDash كحليف على نطاق واسع، لفرض الشركة لنسبة عمولة توصيل تصل إلى 30%، وهي نسبة كبيرة جدًا.

ودفعت العديد من المطاعم العمولة المرتفعة على مضض بسبب هيمنة DoorDash على السوق، والتي بلغت حوالي 67%.

ولتغيير هذه الصورة، بعد نهاية الجائحة، في عام ٢٠٢١، طرحت الشركة ثلاثة مستويات تسعير للعمولات، بحد أدنى أساسي بنسبة ١٥٪ للشركات الأكثر حساسية للأسعار.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى