تقنية

منجم نفايات في فرنسا يهدد مياه الشرب لملايين


كشف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية إن منجماً سابقاً للبوتاس يُعرف باسم «ستوكامين»، ويقبع تحت أرض بلدة فيتلزهايم بفرنسا، يحتوي على نحو 42 ألف طن من النفايات السامة، بينها الزئبق والزرنيخ والسيانيد.

هذه المواد مدفونة في أنفاق بطول 125 كيلومترًا، مباشرة فوق واحد من أكبر طبقات المياه الجوفية في أوروبا، ما يثير مخاوف من تسربها إلى المياه الصالحة للشرب التي تغذي فرنسا وسويسرا وألمانيا.

وفي 17 يونيو/حزيران الجاري، أيد القضاء الفرنسي قرار الحكومة بإبقاء النفايات في باطن الأرض وتغليفها بالخرسانة. واعتبر نشطاء البيئة من جهتهم الحكم “قنبلة موقوتة” تهدد الأجيال القادمة، محذرين من أن الصخور المحيطة تتآكل، والسقوف تنهار، والمياه بدأت بالتسرب بالفعل.

تكلفة التنظيف

وتشير دراسات إلى أن المياه قد تغمر المنجم تدريجيًا خلال 300 عام. ورغم اقتراح العلماء إمكانية تأخير التلوث عبر إجراءات عزل، إلا أن فريقًا آخر يرى أن الحل الوحيد الآمن هو إزالة النفايات بالكامل، رغم تكلفته البالغة 65 مليون يورو.

والمنجم، الذي كان يوفر العمل لآلاف العمال في القرن الماضي، تحوّل إلى مصدر قلق بيئي كبير. وقال جان بيير هيشت، عامل منجم سابق، إنه يشعر بالخيانة، إذ كان المشروع يوصف بأنه “منجم لخدمة البيئة” ويوفر وظائف مستدامة، لكن ذلك لم يتحقق. بعد حريق اندلع عام 2002 واستمر أيامًا، أُغلق الموقع ولم يُخلق سوى 24 وظيفة.

ولا يقتصر التهديد على البشر، بل يشمل الأنظمة البيئية. فتسرب المعادن الثقيلة مثل الزئبق والزرنيخ حتى بكميات ضئيلة يمكن أن يؤدي إلى أمراض خطيرة، بما في ذلك السرطان وتلف الكلى والمشاكل العصبية. كما أن السيانيد يهدد الحياة المائية وقد يرتبط بنفوق جماعي للأسماك وظهور مناطق ميتة في الأنهار.

من جانبه قال ماركوس بوسر، عالم جيولوجي سويسري متخصص في النفايات الخطرة، أن الدفن تحت الأرض ليس حلاً مستدامًا. وأوضح إن “ما ندفنه يعود ليلاحقنا”، داعيًا إلى تغيير جذري في التعامل مع النفايات الخطرة والتحول إلى اقتصاد دائري.

غضب داخلي

ومن جانبها، تعتزم السلطات المحلية في الألزاس استئناف القرار أمام القضاء الأوروبي، فيما يتواصل الضغط الشعبي. ويواصل النشطاء، بقيادة يان فلوري، الذي يقود الحراك منذ الثمانينات، التظاهر رغم قلة العدد والمطر. وقال فلوري: “قد لا أعاني أنا، لكن أبنائي وأحفادي سيفعلون. نحن نضع قنبلة تحت أقدامهم.”

في الوقت الحالي، ما زالت الحكومة تعول على الخرسانة كحل نهائي، رغم التحديات الجيولوجية وتحذيرات العلماء. لكن بالنسبة للكثيرين في الألزاس، فإن ستوكامين لم يعد مجرد ملف نفايات، بل اختبار أخلاقي لكيفية تعامل المجتمعات مع إرثها السام.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى