ثورة بـ«الدفاع الجوي».. منظومة أوروبية تهدد عرش «باتريوت»

شهدت أوروبا في السنوات الأخيرة تحولًا استراتيجيًا ملحوظًا في توجهاتها الدفاعية، يتمثل في سعيها المتسارع نحو تطوير منظومات عسكرية.
وبرز في قلب هذا التغيير، نظام الدفاع الجوي الأوروبي “SAMP/T” كخيار واعد وقوي لمنافسة نظام “باتريوت” الأمريكي الشهير، الذي طالما كان الخيار الأول لجيوش أوروبا في حماية أجوائها.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، يعكس هذا التوجه الجديد رغبة القارة في تقليص الاعتماد على أنظمة التسليح الأمريكية وتعزيز سيادتها الدفاعية والتقنية.
ثورة
ظلت أنظمة “باتريوت” الأمريكية لسنوات طويلة رمزًا للثقة والفاعلية في الدفاع الجوي، حيث استخدمتها أكثر من 19 دولة حول العالم، بينها العديد من الدول الأوروبية.
غير أن التغيرات الجيوسياسية الأخيرة، وعلى رأسها تصاعد التوترات في أوروبا الشرقية واندلاع الحرب في أوكرانيا، دفعت صناع القرار الأوروبيين إلى إعادة تقييم مسألة الاعتماد المفرِط على التسليح الأمريكي، خاصة مع تزايد التهديدات من الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة الحديثة.
في هذا السياق، جاء تطوير نظام SAMP/T كخطوة متقدمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الأوروبي في قطاع الدفاع الجوي، نتيجة تحالف استراتيجي بين فرنسا وإيطاليا من خلال مجموعة “MBDA” الدفاعية الأوروبية، ليكون أحد أكثر الأنظمة تطورًا في العالم.
مواصفات “SAMP/T”
يتميز نظام SAMP/T الأوروبي بعدة مواصفات تقنية متقدمة جعلته محط اهتمام واسع في الأوساط العسكرية. فهو يعتمد على الصاروخ المتطور ASTER 30، الذي تصل سرعته إلى أكثر من 4.5 ماخ، ويتميز بقدرته على اعتراض الصواريخ البالستية التكتيكية، والطائرات الحربية، والصواريخ الجوّالة، والطائرات المسيّرة الصغيرة.
ويصل نطاق عمل النظام إلى 120 كيلومترًا، مع قدرة على اصطياد أهداف على ارتفاعات تصل إلى 20 كيلومترًا، ما يوفر حماية واسعة النطاق لمنشآت عسكرية ومدنية، وحتى المدن الكبرى.
ويمتلك SAMP/T رادارًا ثلاثي الأبعاد من طراز Arabel، يتمتع بقدرة متقدمة على اكتشاف وتتبع الأهداف الدقيقة والمتعددة في آنٍ واحد، ما يمنح النظام إمكانية التعامل مع تهديدات متزامنة من مختلف الاتجاهات، خاصة في ظل انتشار الطائرات المسيّرة والصواريخ الحديثة.
ويتميز “SAMP/T” كذلك بسرعة الاستجابة، حيث يستطيع التصدي للهجمات المفاجئة بكفاءة عالية، مع مرونة تشغيلية تمكّنه من التكامل مع أنظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” الدفاعية بكل سهولة، وتثبيته على منصات متحركة أو ثابتة بحسب الحاجة.
دوافع التحوّل الأوروبي
وتسعى الدول الأوروبية من خلال تبني SAMP/T إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، وفي مقدمتها تعزيز استقلالية القرار الدفاعي وتوطين التكنولوجيا العسكرية ضمن حدود القارة.
كذلك، يمثل التعاون الصناعي في مجال تطوير SAMP/T نموذجًا ناجحًا للشراكة الأوروبية، التي تجمع الموارد والخبرات وتساهم في توحيد المعايير الدفاعية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ الأمر الذي من شأنه رفع كفاءة الإنتاج العسكري المشترك ودعم قطاع الصناعات الدفاعية القارية.
تحديات وتطلعات
ورغم الانتعاش الواضح في الاهتمام بأنظمة SAMP/T، إلا أن أوروبا لا تزال تواجه مجموعة من التحديات المتعلقة بالانتقال التدريجي من أنظمة “باتريوت” المتواجدة بالفعل إلى النظام الجديد.
ومن أبرز هذه التحديات التكلفة العالية لمشروعات التحديث والشبكات الدفاعية المعقدة التي يجب أن تتكامل بسلاسة مع النظام الجديد.
كما أن هناك ضغوطًا سياسية واقتصادية، خاصة من الجانب الأمريكي، للحفاظ على حصته السوقية ودوره المؤثر في صياغة المعادلة الأمنية الأوروبية.
في المقابل، يبدو أن تجارب النشر العملية لنظام SAMP/T في دول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وبولندا عززت الثقة في إمكانياته، ودفعت المزيد من الدول لدراسته كخيار أول لتطوير قدراتها الدفاعية في السنوات القادمة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز