تقنية

«لعبة الحرب والدبلوماسية» في أوكرانيا.. بوتين الرابح الأكبر


مساع حثيثة يشهدها الملف الأوكراني خلال أسبوع مكثف من الدبلوماسية كشف بوضوح موازين القوى والرابح والخاسر في الأزمة.

وبعد قمته في ألاسكا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين واجتماعه مع قادة أوكرانيا وأوروبا في البيت الأبيض، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محبطا بشأن إمكانية وقف الحرب في أوكرانيا.

ومع أن القمتين فشلتا في إنهاء النزاع إلا أنهما قدمتا رؤية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في المستقبل، وكشفتا عن فوز أكيد حققه الرئيس الروسي، وذلك وفقا لموقع “ريسبونسيبل ستايت كرافت”.

 بوتين أكبر المنتصرين

خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من قمة ألاسكا بمكاسب واضحة بعدما حظي بلقاء مباشر مع ترامب على الأراضي الأمريكية، وهو ما عزز شرعيته كقائد لقوة عظمى.

كما نجح بوتين في تفادى العقوبات الاقتصادية التي سبق وهدد بها ترامب، وفي الوقت نفسه واصل حربه في أوكرانيا دون تقديم تنازلات كبيرة.

لكن النقطة الأهم هي أن بوتين أقنع ترامب بالتراجع عن مطلب أوروبي أساسي بفرض وقف إطلاق نار غير مشروط.

كما أن الرئيس الأمريكي وافق من حيث المبدأ على المطالب الروسية رغم أنه ترك القرار النهائي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وربما لم ينجح بوتين في إبرام اتفاقات كبرى مع واشنطن مثل الاتفاقات حول الموارد الطبيعية، أو التعاون في القطب الشمالي، أو ضبط التسلح، لكنه عاد إلى موسكو في موقع قوة، خاصة بعدما شاهد هرولة الأوروبيين للقاء ترامب، بحسب المصدر نفسه.

ترامب.. مكاسب شكلية

ربما لم يحصل ترامب من جانبه على هدفه الأهم وهو إنهاء الحرب، لكنه استفاد بطرق أخرى، حيث لعب دوره المفضل كـ”صانع للسلام” وسط أجواء احتفالية شهدتها ولاية ألاسكا أظهرت صورته القيادية.

كما حظي الرئيس الأمريكي بدعم ضمني من بوتين الذي أكد على رواية ترامب بأن حرب أوكرانيا ما كانت لتبدأ لو كان موجودا في البيت الأبيض بدلاً من سلفه جو بايدن.

من جهة أخرى، وجد ترامب مخرجًا من مهلة الـ10 أيام التي ألزم نفسه بها لفرض عقوبات على روسيا وهو أمر لم يكن راغبًا فيه.

أما عن لقائه مع قادة القارة العجوز في واشنطن، فرفض ترامب تقديم التزامات أمنية واضحة لأوكرانيا، مما أعاد المسؤولية إلى الأوروبيين وأظهر محدودية نفوذهم.

أوروبا.. الخاسر الأكبر

دخل قادة أوروبا قمة واشنطن بأجندة واضحة تنص على ضرورة الاتفاق على ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا والحصول على التزام أمريكي بمساعدات عسكرية لكييف فضلا عن دعم ترامب لمطلبها بوقف إطلاق نار فوري.

ومع ذلك، خرج الزعماء الأوروبيون بأقل القليل، حيث اكتفى ترامب بتصريحات غامضة ورفض بشكل واضح فكرة وقف إطلاق النار الآن أو تقديم التزامات أمنية.

لكن الخسارة الأخطر تتعلق بالجانب الرمزي للقمة، حيث ظهر الأوروبيون بمظهر الضعفاء والقلقين الذين أسرعوا إلى واشنطن ليؤكدوا “وجودهم على الطاولة”، في حين أنهم كشفوا افتقارهم للقدرات العسكرية والاقتصادية اللازمة لتغيير مسار الحرب.

 أوكرانيا.. في المأزق الأصعب

ربما نجح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الخروج من القمة دون أن يضطر لتقديم تنازلات كبرى، لكنه خرج أيضًا بلا مكاسب ملموسة خاصة أن ترامب أكد أن كييف لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما أكد أنه يتعين عليها التنازل عن أراض.

وفي النهاية لم يحصل زيلينسكي على دعم عسكري جديد أو ضمانات أمنية قوية بل على العكس، أضعف الضغط الأمريكي بشأن إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا من موقفه.

والآن، يبدو أن الأزمة الكبرى التي تواجه أوكرانيا تكمن في أن الوقت لا يخدمها خاصة أن نقص الأفراد العسكريين يقابله تقدم روسي في منطقة دونباس ومناطق أخرى.

وبالتالي، فكلما طال أمد الحرب، زادت احتمالات انهيار الجبهة الأوكرانية، مما سيجعل أي اتفاق مستقبلي أسوأ من الشروط المطروحة اليوم.

وفي النهاية، كشفت القمم الأخيرة أن إيقاع الحرب بيد بوتين، وأنه لا يزال يمسك بأوراق اللعبة، في حين أن الآخرين -من ترامب مرورا بأوروبا ووصولا إلى زيلينسكي- يتحركون بردود فعل أكثر من قدرتهم على صنع المبادرة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى