تقنية

في أول خطاب لها.. ملكة الماوري الجديدة تجلب الأمل لنيوزيلندا


في مشهد رمزي مُفعم بالمعاني التاريخية، ألقت الملكة الماورية الجديدة نغا واي هونوا خطابها الأول أمام الآلاف خلال احتفال كورونيهانا

 السنوي، الذي يُخلّد تأسيس حركة كينغيتانغا قبل أكثر من 160 عاما كرمز للسيادة الماورية.

الملكة، البالغة من العمر 28 عاما، دعت شعبها إلى “سلوك درب جديد” يقوم على الوحدة والثقة بالهوية الماورية، مؤكدة أن “أن تكون ماوريا هو أمر أبدي”.

وقد اعتبر مراقبون، أن كلماتها تمثل أكثر من مجرد خطاب احتفالي، بل إعلانا عن ولادة مرحلة مختلفة للماوري في الحياة السياسية والاجتماعية لنيوزيلندا، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.

جاء الخطاب بعد مرور عام على اعتلاء نغا واي العرش خلفًا لوالدها، الذي رحل تاركًا فراغًا كبيرًا في قيادة الحركة. وبموجب الأعراف الماورية، التزمت الملكة الشابة بواجبات الحداد الصارمة التي تمنعها من إلقاء التصريحات العلنية طوال عام كامل.

لحظة كسر الصمت كانت مشحونة بالرمزية: ابنة الملك الراحل لم تكتفِ بنعي والدها، بل رسمت ملامح عهد جديد تتقاطع فيه روح التقاليد مع تطلعات الأجيال الصاعدة.

كما يأتي في ظرف بالغ الحساسية؛ إذ تشهد نيوزيلندا جدلاً متصاعدًا حول مكانة الماوري، في ظل تراجع بعض السياسات الرسمية الداعمة للغة والثقافة الماورية، وفشل محاولة طرح مبادئ معاهدة وايتانغي – الوثيقة التأسيسية التي تنظم العلاقة بين الماوري والدولة – للاستفتاء العام.

من هنا، حملت كلماتها دلالات سياسية وروحية في آن: فهي شددت على أن “أن تكون ماوريا لا يعني خوض صراع دائم، بل أن نحمل أسماءنا ولغتنا وتاريخنا بكرامة”. هذه الجملة تحديدًا فسّرها بعض المحللين على أنها دعوة لانتقال الماوري من خطاب المقاومة إلى خطاب البناء.

بعيدًا عن البعد الرمزي، طرحت الملكة نغا واي مقترحات عملية؛ أبرزها عقد قمة اقتصادية تبحث فرص الاستثمار والتنمية أمام الماوري، إلى جانب إنشاء صندوق استثماري بتمويل أولي من مؤسسات المجتمع الماوري.

هذا الطرح يعكس وعيًا بأن تحديات الماوري لم تعد محصورة في المطالبة بالحقوق الثقافية فقط، بل تتعلق أيضًا بـ«جسر الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، حيث لا تزال معدلات البطالة والفقر أعلى من المتوسط الوطني».

بين الطقوس والاحتفاء الشعبي

ارتدت الملكة ثوبًا أزرق ملكيًا ووقفت إلى جوار شقيقها، وسط حضور ضم شخصيات من العائلات المالكة في تونغا وهاواي، إضافة إلى آلاف الشباب الماوري الذين حضروا للاحتفاء بحدث استثنائي.

بعد الخطاب، شاركت الملكة أفراد قبيلتها في عرض كابا هاكا التقليدي، في لحظة جمعت بين الروحانية الشعبية والبروتوكول الملكي، ما منحها مكانة مزدوجة كرمز سياسي وثقافي.

خلفية تاريخية: الماوري في قلب الهوية النيوزيلندية

ملكة الماوري الجديدة


يشكل الماوري نحو 20% من سكان نيوزيلندا، وينحدرون من مهاجرين بولينيزيين استقروا في الجزر قبل أكثر من ألف عام.

ورغم تعرضهم لموجات الاستعمار البريطاني والحروب والمصادرات التي انتزعت منهم مساحات واسعة من أراضيهم في القرن التاسع عشر، فإنهم تمسكوا بهويتهم عبر حركة كينغيتانغا (1858)، التي هدفت إلى توحيد القبائل ومقاومة التوسع الاستعماري.

اليوم، لا يُنظر إلى الماوري كأقلية منفصلة، بل كجزء أساسي من النسيج الوطني. ومع ذلك، لا تزال فجوات التعليم والصحة والتمثيل السياسي قائمة، ما يجعل قضية المساواة الحقيقية حاضرة في الخطاب العام.

أجيال جديدة وصوت متجدد

الملكة الشابة تمثل جيلًا جديدًا من الماوريين، نشأ في بيئة تعليمية تُدرّس لغتهم وثقافتهم، وتزايد فيها الوعي بالهوية والاعتزاز بالانتماء.

وقد وصفتها الناشطة القانونية أنيت سايكس بأنها “منارة قيادة للأجيال الجديدة”، مضيفة أن أسلوبها المتواضع وخطابها المؤثر قد يفتحان الباب أمام مرحلة مختلفة، تتجاوز الانقسامات التاريخية بين الماوري وبقية المجتمع النيوزيلندي.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى