تقنية

انقلاب غينيا بيساو.. هل كان «خدعة»؟


في غينيا بيساو، تبدو السياسة وكأنها رقعة شطرنج يغذيها التاريخ المضطرب والتهريب الدولي، حيث الانقلابات المتكررة لم تكن يوماً بعيدة عن «المصالح الشخصية والتحالفات الخفية».

هذا ما أكدته لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، التي أشارت إلى أن الانقلاب الأخير الذي أوصل الجنرال هورتا إنتا إلى رئاسة البلاد مؤقتاً، يكشف عن شبكة معقدة من المناورات بين الجيش والسياسيين، ويمثل تجسيداً لما وصفه خصوم الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو بـ«العملية الاحتيالية»، في بلد ظل منذ الاستقلال محط أطماع داخلية وخارجية، ومرتعاً لعصابات تهريب المخدرات العابرة للقارات.

فكيف؟

يزعم سياسيون أفارقة بارزون أن الانقلاب الأخير في غينيا بيساو كان مدبرا.

ويوم الخميس الماضي، نصب جيش غينيا بيساو الجنرال هورتا إنتا رئيسًا مؤقتًا للبلاد بعد استيلائه على السلطة في انقلاب وصفه العديد من المراقبين والسياسيين بأنه «عملية احتيال».

ومن المقرر أن يقود إنتا ووزير المالية إليديو فييرا تي، الذي تم تعيينه رئيسًا للوزراء، فترة انتقالية مدتها عام واحد في البلاد وكلا الرجلان مقربان من الرئيس المخلوع، عمر سيسوكو إمبالو، الذي أعلن فوزه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المتنازع عليها في البلاد قبل إقالته.

ووفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية فإن تي سبق وقاد حملة إمبالو الانتخابية في حين تمت ترقية إنتا إلى منصب رئيس أركان جيش غينيا بيساو من قبل الرئيس المخلوع في عام 2023.

وذكرت المجلة، أن الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان، الذي كان في غينيا بيساو لحضور انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني كمراقب إقليمي، أشار إلى أن إمبالو كان يعلم بخسارته ودبر “انقلابًا احتفاليًا” قبل يوم واحد من إعلان النتائج الرسمية.

خدعة؟

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو للمشرعين في بلاده إن “ما حدث في غينيا بيساو كان خدعة” كما ادعى فرناندو دياس المنافس الرئيسي لإمبالو، والذي أعلن أيضًا فوزه في الانتخابات أن الانقلاب “مفبرك”.

ويشير منتقدو إمبالو إلى أن الرئيس المخلوع أعلن إقالته لوسائل إعلام مختلفة بعدما أعلن الجنود انقلابهم على التلفزيون الرسمي.

وقال جوناثان: “لا يستولي الجيش على الحكومات ويسمح للرئيس الحالي الذي أطاح به بمخاطبة المؤتمرات الصحفية”.

ومنذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، واجهت غينيا بيساو خمسة انقلابات وعدة محاولات انقلاب ولم ينعقد برلمان البلاد الذي تهيمن عليه المعارضة منذ عام 2023، عندما حله إمبالو بعد محاولة انقلاب مزعومة.

وقبل أشهر من انطلاق الانتخابات، كانت هناك مخاوف بشأن شرعية الاقتراع ففي مارس/آذار، هدد إمبالو بطرد وفد من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بعد أن دعت الكتلة الإقليمية إلى إجراء انتخابات ديمقراطية وفي الوقت المناسب.

وتؤكد المعارضة أن فترة إمبالو كان ينبغي أن تنتهي قانونيًا في 27 فبراير/شباط، لكن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تأجلت حتى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.

وبعد الإطاحة به الأسبوع الماضي، لجأ إمبالو لفترة وجيزة إلى السنغال المجاورة قبل وصوله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي هذه الأثناء، مُنح دياس الذي كان مدعومًا من حزب المعارضة الرئيسي في غينيا بيساو حق اللجوء في نيجيريا، بعد منعه من الترشح.

ومن المقرر أن يجتمع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في 14 ديسمبر/كانون الأول لعقد جلسة طارئة لمعالجة الانقلاب بعد أن فشل وفدها يوم الإثنين في إقناع الجنود بتسليم السلطة، وهددت إيكواس والاتحاد الأفريقي بفرض عقوبات وتعليق عضوية غينيا بيساو في كتلتيهما.

إحباط مؤامرة؟

في المقابل، يزعم الانقلابيون أنهم كانوا يعملون لإحباط مؤامرة من تجار المخدرات “لزعزعة استقرار” البلاد حيث تعرف غينيا بيساو بأنها محطة عبور لتهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا، وهو اتجاه يقول الخبراء إنه غذى أزماتها السياسية، حيث تم تمويل بعض الحملات الرئاسية من خلال تسهيل الاتجار.

وفي 2024، حكمت محكمة أمريكية على مالام باكاي سانها جونيور، نجل رئيس غينيا بيساو السابق مالام باكاي سانها، بالسجن لأكثر من ست سنوات لقيادته عصابة دولية لتهريب الهيروين.

وقبل ثلاث سنوات، رفض إمبالو تسليم الجنرال أنطونيو إندجاي، قائد الانقلاب السابق الذي وجهت إليه الولايات المتحدة اتهامات تتعلق بتهريب الكوكايين المرتبط بالقوات المسلحة الثورية الكولومبية.

ويؤكد البعض أن «هذا الانقلاب كان مدبرا وليس محاولة لتقويض عصابات المخدرات». وقالت الجبهة الشعبية، وهي ائتلاف من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني إن الانقلاب يهدف للمساعدة في تمهيد الطريق لإمبالو لتعيين قيادة مؤقتة بالوكالة قبل الترشح في انتخابات أخرى.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى