بوتين في الهند.. تقارب يربك الحسابات الغربية

على وقع تحولات متسارعة تعصف بميزان القوى العالمي، يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة إلى الهند تحمل دلالات تتجاوز طابعها الثنائي.
فالهند التي باتت رقما صعبًا في معادلة النفوذ الآسيوي والدولي، تستقبل بوتين لتؤكد مرة أخرى أنها ليست طرفًا تابعًا في صراع الأقطاب، بل قوة صاعدة تعيد هندسة موقعها بين واشنطن وموسكو.
وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة للحد من التعاون الهندي الروسي، تمضي نيودلهي في ترسيخ شراكاتها الاستراتيجية.
والتقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، لإجراء محادثات تهدف إلى توطيد العلاقة بين البلدين في وقت تواجه نيودلهي ضغوطا أمريكية شديدة لوقف مشترياتها من النفط الروسي في ظل الحرب التي تخوضها موسكو في أوكرانيا.
وحيا مودي أمام الصحفيين ضيفه باعتباره “صديقا حقيقيا” وأبدى تفاؤله بشأن إيجاد تسوية للحرب في أوكرانيا، مؤكدا “علينا جميعا العودة إلى طريق السلام”.
ورد بوتين شاكرا لمودي الجهود “الرامية إلى إيجاد تسوية لهذا الوضع”، مشيدا بالعلاقات “العميقة تاريخيا” بين البلدين و”بالثقة الكبرى في التعاون العسكري والتقني” بينهما.
ومن المتوقع الإعلان بعد المحادثات التي تستمر ساعتين عن اتفاقات ثنائية ولا سيما في مجال الأسلحة.
وتجري الزيارة في وقت تواجه الهند صعوبات في علاقاتها مع الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا بمواصلة شراء النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة.
وقال أشوك مالك من “مجموعة آسيا” للدراسات لوكالة فرانس برس إن “هذه الزيارة تندرج ضمن سياسة الهند القاضية بالتنويع على صعيد الاستراتيجية والاقتصاد، وخصوصا في وقت تعاني وضعا صعبا جراء الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة”.
وفرض ترامب في أواخر أغسطس/آب رسوما جمركية إضافية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، فيما كانت تجري محادثات ثنائية حول اتفاقية تبادل حر.
وأكد الرئيس الأمريكي بعد ذلك أنه حصل على وعد من مودي بوقف واردات النفط الخام الروسي التي تمثل 36% من إجمالي النفط المكرر في الهند.
عالم متعدد الأقطاب
وأصبحت الهند، الدولة الأكثر سكانا في العالم، مشتريا رئيسيا للنفط الروسي، ما وفر عليها مليارات الدولارات ووفر لموسكو في المقابل سوقا للتصدير كانت في أمس الحاجة إليها بعدما قاطعها المستوردون التقليديون في أوروبا بسبب الحرب.
لكن نيودلهي خفضت أخيرا وارداتها من النفط الخام تحت ضغط العقوبات المفروضة على شركتي روسنفت ولوك أويل، أكبر منتجي النفط في روسيا.
غير أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أعلن قبل زيارة الرئيس الروسي “لا شك لدينا إطلاقا بأن هذه المبادلات تأتي بمنفعة كبيرة للهند وهي مفيدة للطرفين”.
وتفادت الهند إلى الآن التنديد صراحة بحرب أوكرانيا، ونجحت في الوقت نفسه في الحفاظ على علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.
وأكد مودي مرارا تمسكه بنظام عالمي “متعدد الأقطاب”، وقاوم المطالبات الغربية باتخاذ مسافة عن روسيا.
وإن كانت الهند اتجهت مؤخرا إلى موردين آخرين لشراء الأسلحة ومن بينهم فرنسا وتعطي الأفضلية للأسلحة التي تنتجها داخليا، إلا أن موسكو تبقى من موردي الأسلحة الرئيسيين لها.
وبعد الاشتباكات التي جرت مع باكستان في مايو/أيار، أبدت الهند اهتمامها بشراء أنظمة دفاع جوي روسية متقدمة جديدة من طراز إس-400. وقال بيسكوف بهذا الصدد “لا شك أنه سيتم بحث هذا الموضوع خلال الزيارة”.
وأفادت الصحافة الهندية كذلك عن اهتمام الجيش الهندي بالطائرات المقاتلة الروسية من طراز سوخوي-57.
كما يسعى مودي وبوتين لإعادة التوازن إلى المبادلات التجارية الثنائية التي بلغت مستوى غير مسبوق محققة 68,7 مليار دولار خلال فترة 2024-2025، غير أنها تسجل في الوقت الحاضر اختلالا كبيرا لصالح روسيا.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز



