تقنية

إدراك العالم لـ«إرهاب الإخوان».. كيف دقت الإمارات ناقوس الخطر مبكرا؟


منذ تأسيسه عام 1928، شكّل «الإخوان» مشروعا أيديولوجيا متغلغلا، يسعى لإعادة تشكيل الدولة والمجتمع عبر الولاء التنظيمي، مستفيدا من خطاب مزدوج يظهر الاعتدال ويخفي النزعة الإقصائية، ويستثمر العمل الخيري لبناء نفوذ موازٍ يهدد استقرار البلدان.

هذا الخطر أدركته دولة الإمارات مبكرًا، فصنفت الإخوان جماعة إرهابية عام 2014، ووضعت استراتيجية متكاملة تشمل الجانب الأمني والفكري والمؤسساتي، لتفكيك سرديات الجماعة وتجفيف منابع تمويلها، مستندة إلى شراكات إقليمية ودولية فعّالة.

هذه الرؤية الإماراتية المبكرة والتي تزامنت مع جهود خارجية لكشف مخاطر الإخوان، أسهمت في توجيه الإدراك الغربي، ومهدت الطريق أمام قرار الرئيس دونالد ترامب بوضع فروع الإخوان في مصر والأردن ولبنان على الطريق نحو التصنيف كمنظمات إرهابية، مؤكدة أن الفهم الاستراتيجي المبكر للخطر يمكن أن يحوّل التحديات الإيديولوجية إلى أدوات لحماية الأمن والاستقرار الدولي.

ومنذ أسبوعين، أعلنت ولاية تكساس عن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجموعة مسلمة أمريكية بارزة كمنظمات إرهابية أجنبية. وتبع ذلك قرار للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، حيث أمر إدارته بالنظر في فرض عقوبات على فروع الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان.

ويوم الأربعاء، أقرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مشروع قانون يلزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيفها «تنظيماً إرهابياً عالميا» بكل فروعها.

القرار، الذي اتخذ خلال جلسة تابعتها «العين الإخبارية»، يشكل أقوى خطوة تشريعية منذ عقد على الأقل تجاه التنظيم، ويعيد الولايات المتحدة إلى مسار يتقاطع مع موقف دولة الإمارات والأردن ومصر والسعودية التي سبقت جميعها في حظر التنظيم وتصنيفه إرهابياً.

تحولات تأتي في أعقاب تحركات مماثلة في أوروبا، دفعت دول عدة إلى حظر بعض فروع الإخوان، وفرض عقوبات على أخرى، ووضع الكيان على طريق الحظر.

فكيف ساهمت رؤية الإمارات في الدفع نحو تصنيف «الإخوان المسلمين» كجماعة إرهابية؟

يقول موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكي، إن الفضل في إدراك واشنطن ودول أوروبا لخطر الإخوان يعود إلى دولة الإمارات، والتي كشفت للإدارة الأمريكية وغيرها من الحكومات الأوروبية، كيف أن جماعة الإخوان المسلمين قد دعمت بشكل منهجي ومتسلل منظمات إرهابية في الشرق الأوسط.

ليس هذا فحسب، بل إن دولة الإمارات، حاولت عبر لاعبين رئيسيين؛ بينهم «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، والتي تربطها بها علاقة وثيقة، كشف فوائد تصنيف الإخوان وفروعها العنيفة إرهابية وكيف أن ذلك يعد «الخطوة الأولى لمواجهة التهديد المتنامي الذي تشكله توجهاتهم الراديكالية»، مضيفاً أن الولايات المتحدة يجب أن «تعمل بالتعاون مع الحكومات الإقليمية التي سبق أن حظرت الجماعة».

جهود تناغمت مع أكثر «معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسات»، تحليلا مكونا من 265 صفحة، أشار إلى زعم وجود مؤامرة طويلة الأمد للإخوان للتسلل إلى الغرب وتقويض مؤسساته من الداخل.

ويعتمد التقرير بشكل كبير على وثيقتين تزعم إظهار الخطط بعيدة المدى للإخوان للهيمنة العالمية، بحسب الموقع الأمريكي.

وبحسب موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكي، فإن هذين المركزين البحثيين، يرتبطان بعلاقة وثيقة مع دولة الإمارات.

وقال خالد الجندي، زميل كبير في معهد كوينسي، إن دولة الإمارات أدرك خطر الإخوان بشكل خاص.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإن دولة الإمارات حاولت بثقلها دفع جهود تصنيف الإخوان إرهابية، ففي 2014 لوحت بالانسحاب من صفقة أسلحة مع المملكة المتحدة إذا لم تتحرك لندن لحظر الجماعة.

هذه الجهود الخارجية وجدت صدى واسعا في أروقة السلطة الأمريكية، خصوصاً مع توسع إدارة ترامب في تعريف الإرهاب ليشمل جماعات مثل عصابات المخدرات.

وقال أحد الحلفاء الرئيسيين في البيت الأبيض سيباستيان غوركا، وهو مدير لمكافحة الإرهاب بإدارة ترامب، إن الإخوان «الأصل لجميع الجماعات الإرهابية»، مشيدًا بجهود كشف «حقيقة الإخوان».

جهود في الميزان

يقول الدكتور خلفان سلطان كندي، في مقال له بـ«العين الإخبارية»، إن دولة الإمارات أدركت خطر تنظيم الإخوان مبكرًا، وتمكنت من بلورة مقاربة شاملة ومتكاملة للتصدي له، شكّلت نموذجًا في الحزم والوعي والفاعلية.

وأوضح الدكتور كندي، أن دولة الإمارات كانت من أولى الدول التي أعلنت، بوضوح وجرأة، تصنيف تنظيم الإخوان جماعة إرهابية عام 2014، واضعة بذلك حدًا فاصلًا بين منطق المهادنة والانخراط الجاد في مجابهة هذا التهديد.

فلم تقتصر جهودها على المجال الأمني، بل دشّنت مسارًا فكريًا ومؤسساتيًا غير مسبوق، تمثّل في تأسيس عدد من المراكز البحثية والفكرية التي اضطلعت بدور محوري في تفكيك سرديات الجماعة، وكشف زيفها الأيديولوجي، وإبراز تناقضاتها الفكرية والسياسية، بحسب المفكر الإماراتي.

بالموازاة مع ذلك، عملت دولة الإمارات على تجفيف منابع التمويل التي يستخدمها التنظيم للتمدّد، من خلال ضبط الجمعيات الوهمية، ومراقبة تدفقات الأموال، ومنع استغلال الفضاءين الخيري والدعوي لأغراض حزبية متطرفة، بحسب كندي، الذي أشار إلى أن هذه الجهود من خلال شراكات دولية فعالة، جعلت من دولة الإمارات شريكًا محوريًا في الجهود العالمية لمكافحة التطرف، سواء عبر التحالفات الأمنية، أو من خلال المنصات الفكرية التي تسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الدين والدولة على أسس عقلانية وحداثية.

وأكد أن التجربة الإماراتية في مواجهة تنظيم الإخوان تُمثّل نموذجًا متقدّمًا يجمع بين الحزم السياسي والعمق الفكري، وبين الاستراتيجية الأمنية والرؤية الثقافية، وبين تمكين الدولة وتحصين المجتمع. وهي بذلك لا تكتفي بحماية حدودها من خطر التطرف، بل تسهم في إعادة صياغة الخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وبلورة مشروع حضاري يقوم على المواطنة، والانتماء الوطني، وسيادة الدولة، في مواجهة كل المشاريع الأيديولوجية العابرة التي أثبتت كل التجارب أنها مدمرة للمجتمعات، والأوطان، والإطار الأخلاقي والقيمي للدين.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى